.
لشهيد القسامي القائد :محمد مصطفى صرصور
نموذج في العطاء والكرم والعبادة والجهاد والتضحية ورجل المهمات الصعبة وأسطورة حي الزيتون:
لقد عاهد الله تعالى على الاستمرار في مسيرة الجهاد حتى ولو أبعد آلاف الأميال عن الوطن الحبيب كانت أحلامه دائما تأخذه إلى غزة وشباب غزة ويشدد دائما أنه معهم وذكرياته معهم، وأنه في يوم استشهاد القادة القساميين يوسف ومحمود وأيمن"أبو هين" رحمهم الله جميعا حزن كثيرا على فراقهم واستشهادهم وكان حزنه أكبر لأنهم سبقوه في نيل الشهادة.
المولد والنشأة
كانت بلدة زرنوقة المحتلة عام 1948 التي طردهم منها الاحتلال الصهيوني، على موعد مع ميلاد جديد و بزوغ فجر جديد لها، حيث شهدت ميلاد رجل من رجالات فلسطين، الذين أراد الله له حمل هم الوطن والدعوة، فكان شهيدنا "أبو منيب" يسير في ذلك على الأشواك بخطى الواثق بنصر ربه، بغير يأس ولا قنوط، قليل أن تلد أرحام النساء مثله .
ولد الشهيد القسامي القائد "محمد مصطفى منيب صرصور" بتاريخ 1974م في حي الشجاعية بمدينة غزة في أسرة فلسطينية متدينة، وله من الأشقاء ستة أخوة ومن الإناث أربعة ويقع ترتيبه الثالث من بينهما.. عاش أبو منيب حياة إسلامية حقيقية، ومنذ نعومة أظفاره التزم الصلاة والدروس الدينية في مساجد المدينة، والتزم في مسجد المجمع الإسلامي رغم أنه أصغرهم سنا وكان حينها يبلغ الثالثة عشر عاما ، حيث تميز بنشاطه الملحوظ والتحق مع بداية الانتفاضة الأولى عام 1987 في صفوف حركة المقاومة الإسلامية حماس ضمن جهاز الأحداث التابع للحركة في منطقة الزيتون.
وعندما انطلقت الانتفاضة الأولى عام 1987، شارك في مقاومة الاحتلال، فلم تكن تمرّ آلية عسكرية أو دورية راجلة لجيش الاحتلال من أمامه إلا وكان يرشقها بالحجارة وبالزجاجات الفارغة.
مسيرته التعليمية
درس الشهيد المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدارس غزة، حيث درس المرحلة الابتدائية في مدرسة الشجاعية، لينتقل إلى المرحلة الإعدادية في مدرسة "الشجاعية الإعدادية" ويواصل مسيرته التعليمية ليدرس الثانوية العامة في مدرسة الكرمل، وتميز شهيدنا المجاهد بالأخلاق وحسن المعاملة مع زملائه والتفوق في الدراسة، التحق شهيدنا أبو منيب في جامعة القدس المفتوحة وتخصص فيها "إدارة أعمال" ويذكر أنه لم يتبقى له سوى فصل ويتسلم الشهادة الجامعية، ولكن فاز بشهادة الآخرة التي كان يتمناها منذ زمن بعيد، وشهيدنا متزوج وله من الأبناء ستة، هؤلاء الأبناء الذين اقسموا أن يثاروا لدماء والدهم وان يسيروا على درب المجاهدين.
عمل شهيدنا القسامي في مهنة الخياطة، وبعدها عمل شرطي في عهد السلطة الفلسطينية آنذاك، وترك عمل الشرطة بسبب مجزرة فلسطين التي حدثت أمام عينيه لما رأى من قتل وتعذيب للمصلين، ثم أصبح مطلوباً لدى السلطة الفلسطينية والقوات الصهيونية.
حبه لوالديه
وعرف عن شهيدنا القسامي المجاهد " محمد صرصور" عند عودته إلى البيت يذهب إلى والدته ليسلم عليها ويطلب رضاها ويجلس معها ويحدثها، فقد كانت والدته تحبه كثيراً كان يطلب منها الدعاء له بالتوفيق ورضا الله، وكان يقول لها دائما "إذا استشهدت لا تبكي ووزعي الحلوى".
حبه للشيخ أحمد ياسين
كان يحب شهيدنا القائد القسامي محمد صرصور الشيخ الشهيد أحمد ياسين كثيرا حتى أن تواجده مع الشيخ كان أكثر من تواجده مع أهله فقد كان يغيب عن البيت أحياناً لمدة ثلاثة أيام أو أسبوع وأكثر دون أن يشعر أهله بأنه مرتبط بحماس أو مع الشيخ أحمد ياسين،فقد كانت علاقته به علاقة قوية جدا، وكان يشعر أن الشيخ أحمد ياسين هو والده وأستاذه، وهو كان يتمنى أن يراه ويجلس معه، ولم يكن سعيدا مثل سعادته برؤية الشيخ حتى أنه لم يفارقه للحظة وبكى بكاء شديدا يوم استشهاد الشيخ أحمد ياسين وعاهد الله أن ينتقم من العدو الصهيوني على جريمته تلك.
والده أحد رجال فلسطين
ويعد والد شهيدنا القائد القسامي محمد صرصور أحد أبرز رجال فلسطين هو الشهيد المجاهد "أبو عماد" مصطفى منيب صرصور، الذي سخر نفسه خالصة لدينه وأمته، لا يبغى في ذلك سوى رضا ربه عليه، عاملاً بالقول المأثور " اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا و اعمل لدينك كأنك تموت غدا ".
هذا المجاهد الذي ارتقى شهيدا برفقة رفيقه، شيخ فلسطين المجاهد الشهيد أحمد ياسين، حينما قصفته قوات الاحتلال بالصواريخ أمام مسجد المجمع بغزة بعد صلاة الفجر، حيث أصيب إصابة بالغة، استشهد متأثرا بها بعد ثلاث أسابيع.
رحمك الله يا أبا عماد، يا من قضيت عمرك بحثا عن الأيتام لكفالتهم، و سعيا لرسم البسمة على شفاه أطفالهم، فاتحا بيتك للمجاهدين فآويتهم رغم ما يحمله هذا من خطر جسيم عليك و على أسرتك، فاعلا للخير بكافة صوره و أشكاله، فلا يعرف الإنسان كيف يتحدث عنك، و من أين يبدأ و كيف ينتهى.
مؤسس المسرح الإسلامي
ولعب والد شهيدنا الشهيد أبو عماد دورا بارزا في التأسيس للفن الإسلامي في قطاع غزة، حيث ساهم في إنشاء أول فرقة للمسرح الإسلامي، فضلا عن مشاركته في الكثير من المسرحيات، حيث برع في أداء الأدوار الموكلة إليه، و كان أشهرها دوره في مسرحية
" سعيد بن جبير "، حيث تميز الشهيد بالموهبة الفنية وخفة الدم التي جعلت منه فنانا مرموقا في الشارع الفلسطيني.
حاضن القسام
وتميز الشهيد القسامي القائد أبو منيب "محمد صرصور" أنه كان زاهدا في الدنيا، عاملا من أجل الآخرة، فكان "لا يحسب للمال أي حساب"، وعرف عنه بكرمه وجوده وتضحياته فهو من أوائل الذين آووا مطاردي كتائب الشهيد عز الدين القسام في بيوتهم في أحلك الظروف وأصعبها ".
وأنه آوى الشهيد القسامي القائد عماد عقل، والشهيد طارق دخان، والشهيد مروان الزايغ، والمطارد بشير حماد".
وأيضاً آوى القائد القسامي الكبير "محمد الضيف" قائد كتائب القسام، لمدة خمسة أعوام كاملة، دون تخوف أو تردد وانه كان يحب مجاهدي القسام بشدة، ويجتهد في الدعاء لهم أن يوفقهم الله تعالي في عملياتهم التي كانوا يقومون بها كما أنه كان يصنع الطعام بيده ليقدمه إلى المجاهدين .
في سجون الوقائي
اعتقل الشهيد أبو منيب ضمن حملة الاعتقالات ضد أبناء الحركة الإسلامية عام 1996م في سجن الأمن الوقائي في غزة، وعذب عذابا شديدا إلا أنه لم يعترف بأي من التهم التي وجهت إليه رغم شدة التعذيب.
واستمرت رحلة العطاء للوطن الحبيب بالتواصل مع إخوانه في غزة، وكان دائما يردد يجب أن نعمل ليل نهار حتى نصل لدرجة المجاهدين فهم في داخل المعركة أمام العدو ويقول يجب علينا أن نجاهد بأموالنا وأنفسنا وأولادنا حتى نلقى الله مجاهدين شهداء.
وعندما كان يقوم بأي عمل للجهاد كان يصلي طوال الليل يدعو الله ويطلب منه التوفيق في عمله وإنجازه على أكمل وجه وكان دائما يطلب من والدته الدعاء له بالتوفيق في عمله الذي كان يحبها بعد حب الله ورسوله.
صاحب المهمات
وكان أبو منيب يشارك في قصف المغتصبات بقذائف الهاون ويعتبر قائداً ميدانياً لجميع المجموعات القسامية في منطقة حي "الزيتون" التي شكّلها وقادها أثناء عمليات الاجتياح والتوغّلات المتكرّرة، وكان مسئولا عن عمليات استشهادية أبرزها عملية الشهيد محمد ابودية والاستشهادية ريم الرياشي والشهيد زكي الباقة و عن عملياتٍ متعدّدة من زرع وتفجير عبوات وقصف للهاون وصواريخ القسام، بالإضافة إلى أنّه كان يُشرِف على معسكرين لتدريب وتأهيل المجاهدين وهو الذي أشرف على عملية تفجير ناقلة الجند في حي الزيتون والتي أدت الى مقتل ستة جنود ، الأمر الذي جعله يوصَف "برجل جميع المهمّات".
عمليات جبانة
خلال هذه المسيرة المباركة تعرض شهيدنا "محمد صرصور""أبو منيب" للعديد من محاولات اغتيال صهيونية أبرزها :
يوم اجتياح حي الزيتون الأخير أطلقت إحدى الطائرات الصهيونية صاروخا عليه برفقة مجموعة من المجاهدين خلال تفقدهم للمجاهدين حيث سقط الصاروخ على أحد الكراجات في أحد شوارع حي الشجاعية فاستشهد أحد المواطنين فيما كان دخان الصاروخ على وجوه المجاهدين الذين تمكنوا من الفرار بأعجوبة ، وكان برفقته القائد الشهيد وائل نصارومرة أخرى بالقرب من مسجد علي بن أبي طالب كان يتفقد احدى مجموعات المرابطين فإستهدفته طائرات اباتشي بصاروخين واستشهد اثنين من المرابطين ونجا شهيدنا القائد من عملية الاستهداف.
رفيق القادة والشهداء
خلال هذه المسيرة الطويلة من الجهاد والمقاومة تعرف شهيدنا القائد القسامي أبو منيب على العديد من المجاهدين ومن أبرزهم القائد وائل نصار الذي استشهد برفقته، وأيضاً تعرف على الشهداء ومن أبرزهم الشيخ الشهيد القائد عدنان الغول ، وإبراهيم الديري ، والشهيد القائد سعد العرابيد، والشهيد القائد ياسر النمروطي، والشهيد أكرم نصار والقائد ياسين نصار وطارق دخان وعوض سلمي والعديد من الشهداء الذين سبقوه إلى الفردوس الأعلى.
وحان اللقاء
فجر يوم الأحد 30-5-2004 كان القائد محمد صرصور برفقة القائد الكبير وائل نصار، وقام الشهيد نصار بالاتصال على شهيدنا القائد أبومنيب فقال له شهيدنا : سأكون عندك بعد ستين ثانية وبالفعل التقى الاثنان وعادا من أماكن رباط المجاهدين، وخلال سيرهم في شارع صلاح الدين قرب المسلخ القديم خلال ركوبهم دراجة نارية كانت طائرة استطلاع صهيونية قد أطلقت صاروخا عليهم مما أدى إلى استشهادهما على الفور وعندما حاول أحد المواطنين وهو الشهيد ماضي ماضي إنقاذهما أطلقت عليه الصاروخ الثاني فاستشهد المواطن ماضي وأصيب سبعة آخرون فرحم الله شهدائنا وأسكنهم فسيح جناته